ترقيع غشاء البكارة .. وكل البنات عذارى



لا تخافي واهدأي يا صغيرتي.. على وقع هذه الملحمة العندليبية للفنان عبد الحليم حافظ زالت كثير من الحواجز التي تربط بين شرف البنت وحفاظها على دليل عفتها الذي يطلقون عليه "غشاء البكارة".

حيث تحولت عمليات "إصلاح العذرية" إلى ظاهرة لافتة في تونس، إذ تلجأ أعداد متزايدة من الفتيات المقبلات على الزواج إلى الأطباء من أجل طمس الدليل الجسدي على علاقاتهن الجنسية قبل الزواج، و"استعادة" غشاء البكارة لإرضاء الرجل التونسي.

مجرد عملية جراحية بسيطة تستغرق ساعة من الزمن ولا تتعدى كلفتها 400 يورو، هي الحل السحري لكل فتاة تونسية فاقدة للعذرية وتحلم بليلة زفاف هانئة، ورغم الغياب التام لأي أرقام أو بيانات حول الظاهرة، يؤكد أطباء وتقارير صحفية أن جراحة "استصلاح" العذرية تعرف منذ سنوات قليلة ازدهارا كبيرا في تونس التي تتمتع فيها النساء بتحرر جنسي "نسبي" يقابله رفض رجالي للارتباط بزوجة غير عذراء، بحسب ما ورد في تقرير صحفي حول الموضوع نشرته جريدة "الصريح" التونسية مؤخرا ، تحدّث عن "ارتفاع مفزع" لعدد التونسيات اللاتي يُقبلن على مصحات إعادة العذرية وأشار إلى أن البكارة تحولت إلى "تجارة لا تأفل".

طبيب بمصحة خاصة وسط العاصمة تونس دعّم هذا الكلام، مؤكدا أن عمليات استصلاح العذرية ارتفعت بشكل غير مسبوق في تونس خلال السنوات الأخيرة، ولاحظ أن "الطلبات تقفز بشكل لافت خلال الصيف" باعتباره موسم الزواج في البلاد قائلا: "تقصدنا المقبلات على الزواج قبل شهر أو أسبوع من ليلة الزفاف وأحيانا في يوم الزفاف نفسه"، وأضاف: "تجري مصحتنا خلال الفترة ما بين يونيو وأغسطس التي تشهد ذروة حفلات الزفاف ما لا يقل عن 20 عملية إعادة بكارة يوميا.. نضطر إلى تعزيز الطاقم الصحي بأطباء إضافيين لتلبية الطلبات الكثيرة".

وأوضح أن استصلاح العذرية يتم برتق غشاء البكارة أو بزرع غشاء اصطناعي باستعمال أشعة الليزر، لافتا إلى تنامي الطلب على النوع الثاني من العمليات لأنه غير مؤلم ويصعب على العريس التفريق بينه وبين الغشاء الطبيعي، نفس المصدر أضاف أن غالبية الفتيات والنساء اللواتي خضعن لعمليات إعادة بكارة بمصحته، فقدن عذريتهن خلال علاقات جنسية عادية وليس نتيجة التعرّض للاغتصاب.

وتشير المعلومات إلى أن أعدادا غير قليلة من الفتيات التونسيات يفقدن عذريتهن خلال علاقات جنسية خارج إطار الزواج، وفي كثير من الأحيان، يعتبر ابتعاد الفتاة عن الأهل للدراسة أو العمل عاملا مواتيا لتكوّن الفتاة علاقات تحظرها العائلات التونسية لاعتبارات دينية واجتماعية بالأساس.

ويؤكد ''المسح الوطني لصحة الأسرة"، وهو تقرير حكومي نشر سنة 2007، أن 80% من الشبان و68% من الفتيات في تونس يمارسن الجنس دون زواج، فيما أفادت دراسة أخرى أجراها "ديوان الأسرة والعمران البشري" أن فتاة واحدة من بين كل 10 فتيات تونسيات لا تعارض إقامة علاقة جنسية قبل الزواج مقابل 4 من بين كل 10 شبان.

يقول طارق بن الحاج محمد، الباحث في علم الاجتماع، إن المرأة المقبلة على الزواج تنظر إلى البكارة حتى وإن كانت مصطنعة على أنها "شهادة صلاحية ومطابقة لمعايير الجودة تجعل حظوظها وافرة في سوق الزواج الذي يعتبر فيه الرجل عذرية المرأة مؤشرا على عفتها وشرفها وشهادة على حسن سيرتها وسلوكها قبل الزواج".

وأظهرت دراسة بعنوان "جنسانية الرجال التونسيين" أعدها سنة 2003 الدكتور فخر الدين حفّاني، أستاذ الطب النفسي بالجامعة التونسية، أن 84% من الرجال في تونس يعتبرون بكارة المرأة شرطا أساسيا للزواج منها مقابل 6% فقط لم يشترطوا ذلك، ورغم أن جرائم الشرف أمر نادر الحدوث في تونس، التي تحظى فيها المرأة بوضع قانوني فريد من نوعه في العالم العربي، فإن الفتاة غير العذراء والمقبلة على الزواج تهرب إلى الحلّ الطبي خوفا من المفاجآت غير السارة لليلة الدخلة.

حنان (31 سنة) التي تستعد للاحتفال بزواجها بعد أقل من شهر، قالت بعد خضوعها لعملية رتق: "أدرك أن ما قمت به نوعا من الخداع والغش، لكنني لا أعتقد أن هناك رجلا سيرضى بالزواج مني إن صارحته بكوني لست عذراء، وأنا متأكدة، لو أخبرته بذلك، فسوف أجني على نفسي وسأقضي على مستقبل شقيقاتي وسأجلب الفضائح لعائلتي"، وأضافت: "قرأت وسمعت عن كثير من الحالات التي ينتهي فيها الزواج بالطلاق والفضيحة في ليلة الزفاف بعد أن يكتشف العريس أن العروس غير عذراء، لا أريد أن يحدث هذا معي".

السيدة نعيمة (55 سنة) أم لبنتين وولدين، اعتبرت أنه في عمليات إعادة العذرية "رحمة وسترا للفتيات اللاتي زلت بهن القدم"، وقالت "لو أن ابنتي وقعت في مثل هذه الورطة، فلن أتردد في إنقاذها بهذا الحل... فالستر خير من الفضائح وأفضل من أن تكمل الفتاة حياتها وحيدة دون زوج أو أبناء"، في المقابل لا يتمنى ماجد (28 سنة) الذي يتم دراسة الهندسة بالجامعة التونسية أن "تستعمل زوجة المستقبل سلاح التقدم الطبّي لخداعه"، وقال مازحا: "ربما لا مفرّ من استعمال نفس السلاح واصطحاب طبيب ليلة الدخلة إلى غرفة النوم لفحص الزوجة والتأكد إن كانت عذريتها أصليّة أم مغشوشة".

وبالرغم من انتشار ظاهرة "إصلاح" العذرية في تونس إلا أنه لا يوجد أي نص قانوني يمنع أو يجيز إجراء جراحة إعادة البكارة، كما أن علماء الفقه والشريعة المحليين "اختاروا الركون إلى الراحة واجتناب كل ما من شأنه أن يضعهم في موضع حرج وشبهة" على حد تعبير جريدة الصريح التونسية.

ليست هناك تعليقات :

إرسال تعليق

اشترك فى جروب اسد 2009 لتصلك أحدث الموضوعات يوميا

مجموعات Google
اشتراك في اسد 2009
ضع البريد الإلكتروني :
زيارة هذه المجموعة